Banner 580-170 جوال

قراءه في كتاب الرقائق

      كتاب الرقائق للكاتب محمد أحمد الراشد الرقائق هو الكتاب الثالث لمحمد أحمد الراشد في سلسلة إحياء فقه الدعوة و أبدأ كتعريف عن الكتاب باقتباس جزء من ماكتب على الغلاف الخلفي : ” مازالت هناك بقية من المؤمنين، كثير في الأقطار عددها ، مرشحة للعودة بالأمة الى اسلامها، اذا انتظمت، و تجردت و تقللت من الدنيا ، و بعدت عن الفتن، و صبرت في المحن ، و أجادت فن القيادة . و لتربيتها تصدر هذه السلسلة ، تبث فيها الوعي ، و الحماسة … “         في الوهلة الأولى عندما اطلعت على فهرس الكتاب و بعد قراءتي للمقدمة ظننت أنه من نوعية الكتب التي تحث على الجهاد و الجهر بالدعوة و الإنتماء الى الحركات الإسلامية . و الحقيقة أني كنتُ سأعزف عن قرائته كون نوعية هذه الكتُب لا تروقني , ثم قررت التأني ومنح الكتاب فرصة و الحمد لله أني فعلت ولم أتسرع . يتكون الكتاب من إثنى عشر فصل : 1- تسبيح يشد الملك في هذا الفصل تذكير بأهمية المسجد و ضرورة انطلاق الدعوة منه و كيف أن المسجد ليس مجرد بناء قائم لتأدية الصلوات فقط ثم العودة للانغماس في ملذات الحياة . ” من أدام الاختلاف إلى المسجد اصاب ثماني خصال : آية مستحكمة ، و أخا مستفادا ، و علما مستطرفا ، و رحمة منتظرة ، و كلمة تدله على الهدى ، أو تردعه عن ردى ، وترك الذنوب حياء ، أو خشية “ ألا ترون أن هذا مايحتاجه شبابنا بالضبط ! عندما انتهيت من قراءة هذا الفصل أدركت أن أكبر أسباب ضياع ديننا هو فقدان المسجد لمكانته التي كان عليها فالمسجد كان مجلس علم و مجلس تآخي و مجلس فتوى و كان يشمل كل جوانب حياة المؤمن , فلما جردناه من كل هذه المعاني و أصبح مكان للصلاة فقط ، تاه الشباب و لم يجدوا مايتمسكون به . 2- الدقائق الغالية  في هذا الفصل يُعيدنا الكاتب الى معاني الحياة و كيف تكون دقائقنا ذات قيمة مابين تسبيح و استغفار وذكر و مناجاة لله في الأسحار . ” و لئن توهم الدنيوي جناته في الدينار ، و النساء ، و القصر المنيف ، فإن : جنة المؤمن في محرابه . “ 3- الإبتداء يتناول هذا الفصل أهمية الخطوة الأولى للداعية في طريق الدعوة للاسلام ، و الحقيقة بغض النظر عن الحديث الموجه للداعية فإن الكلام معمم للجميع كمسلمين و جميعنا ندرك أهمية الخطوات الأولى نحو الدين و كيف أن المؤمن الذي لم يثبت أقدامه جيدا على طريق الايمان و لم يحسن بناء أسسه سيكون من السهل انحرافه عن غايته الحقيقية وهنا تكمن أهمية الابتداء , الابتداء بمبادئ ثابته وأسس سليمة لتقوية النفس و تثبيتها و تذكريها دائما بما خلقت لأجله . “ما محنة الداعية إلا لهوه و غفلته و جلوسه فارغا , و ربما زاد فينفتح له باب من اللغو بعد اللهو”  4- نحو أفراح الآخرة  عن إشغال النفس بالهمم العالية و عدم ركونها إلى ملذات الحياة . ” فلا بد من الجد الدائم ، لأن خواطر الفكر دائمة ، و حركات الجوارح متصلة ، فإن لم يكن الجد معهن دائما : شغلهن ماهو دونه أو ضده ، فيكون الهبوط من بعد استعلاء . “ 5- الأخوة شعار دعوتنا  كَم تفتقد أمتنا معنى الأخوة من أجل رفعة الدين وفي سبيل نشره . ” التسبيح في دقائق الأسحار الغالية ، و التعامل الأخوي الايماني : ركيزتان متلازمتان تقوم عليهما الجماعة المسلمة ، و عينان نضاحتان ، تسكبان خيرا للدعاة لا ينضب . “ 6- أشجار الإيمان  فصل لطيف جدا عن أشجار مُختلفة , بَعضها من المَعاني وبَعضها شَجر يحمل تاريخا خالدا . 7- حصار الأمل  عن حالنا اليوم وغفلتنا المُحزنة . ” هذه الحياة ، بجوانبها العديدة ، و تبدلات المجتمعات التي تحياها ، قد لا يفهمها جيل المسلمين اليوم من دون الرجوع الى نظرة واقعية لها ، متسمة بالبساطة ، مستقرئة للمحسوس المشاهد منها .” 8- تلالنا الهامدة 9- مدارس الموت الفصلين تذكير بالآخرة و بوجوب تذكر الموت وعدم الغرق في الغفلة . ” كم من مستقبل يوما لا يستكمله ، و منتظر غدا لا يبلغه ، لو تنظرون الى الأجل و مسيره ، لأبغضتم الأمل و غروره .” 10- لا .. ياقيود الأرض  ” لا تتواروا و لا تنسحبوا ، بل سيروا مع الهمم العالية “ 11- العبد الحر ” وهذا يعني قيام مفاصلة شعورية و فكرية في ضمير المسلم ، ينفصل فيها التحديد الإسلامي الواضح للمعاني الثلاثة المهمة المكونة لكل منهج ، و هي : معنى الوطن ، ومعنى الحاكم ، و معنى الدستور ، عن الاطلاقات الجاهلية في تفسيرها ، و عما بعد الاطلاق من اختلاف اجتهادات العقول . “ 12- قصص من لهو الدعاة هذا الفصل أكثر فصل أحببته لما فيه من قصص جميلة جدا و مؤثرة . ” حقا ان الهمم مراتب ، و لا تعلو همة في نهايتها و عند موتها الا اذا علت في بدايتها.”  وهكذا ينهي الكاتب الكتاب بطلب أن نترقب اصدار كتاب آخر في السلسلة يكمل مابقي منها . رأيي في الكتاب : {كَما قلت البداية كنت مترددة حيال قراءته كونه في الظاهر موجه للدعاة و لتشجيع الدعوة الاسلامية فكان لسان حالي يقول : أيتها الفتاة المسكينة المعزولة عن العالم أخبريني كيف ستقومين بالدعوة للاسلام و أنت لاحول لك ولا قوة ! ثم قررت كتغيير لعاداتي القرائية أن أقرأه ولدهشتي كان الكتاب شيء مختلف و لمن يتعمق في قراءته سيرى كم أنه خفيف و سهل باقتباساته الكثيرة و أبياته الشعرية و الأمثال و الحكم المتنوعة المصادر . و ماخلصت اليه من الكتاب أنه إذ لم تكن لك حيلة في الدعوة الى الاسلام فكن أنت دعوة . كن مثالا جيدا ، بصلاتك بأذكارك بتعاملك و بأخلاقك , لا تعش في غفلة وتذكر لما خُلقت ، ما الهدف من  حياتك ، ألا تود اللحاق بالقوافل التي سبقتك ! أحببت الكتاب بشكل عام و راقتني لغته الأدبية . } من الإقتباسات التي أحببتها :  محنة الداعية المسلم لا تكمن في معارضة الكفر له , ولا في سجنه , وتعذيبه و تجويعه , بقدر ما تكمن في استرخاء همته و التذاذه بالراحة   فغاية فطرتك هي العبودية. و العبودية أن تعلن عند باب رحمته قصورك ب “أستغفر الله ” و “سبحان الله” و فقرك بـ” حسبنا الله ” وبـ”الحمد  لله ” و بالسؤال وعجزك بـ”لاحول ولا قوة إلا بالله” و بـالله أكبر” و باستمداد. فتظهر بمراتب عبوديتك جمال ربوبيته.  هكذا كالخرفان تماما , يأكلون و ينامون , فيتغوطون , فيعودون الى الأكل , ولاشيء آخر .ـ تعست حياتهم !!ـ   و ما اختار أحد الأماني تًقوده إلا كان أثقل ما يكون خطوا , ووجد ثَم السراب الخادع و عَدِم الماء وقت العطش  ان وجود القدوة الإسلامية يعني وجود شخص يدرك الناظر اليه أنه مستقل في فكرته و عقيدته    فطول الحياة نسبي. هو طويل جدا , مخيف مظلم للجاهلي. وهو قصير , هين منير للمصلي . و حياة الجاهلي ركود مستمر وحياة المصلي حركة , تزيد صوابا , أو تستدرك اعواجاجا .   فالوقفات سنة من سنن الحياة , وقدر مقدور على البشر , إلا أنها عند المؤمن لن تكون استرخاء و غفلة و تماديا أبدا , بل هي تعتري برهة , ثم تجليها محفزات كامنة , من رصيد ذاتي مجموع أو تراث حكمة مركوز.  تقييمي للكتاب : 5/4  كتاب من 177 صفحة زاخرة بالمعاني الجميلة و الرقائق التي تحيي القلب و تذكره بأهمية الحياة التي نعيشها .   للمزيد من القراءات , مكتبة الاقلاع

الوسوم:

Trackback from your site.

اكتب تعليقاً

يجب تسجيل الدخول لكتابة تعليق.

ابحث بالتصنيفات